اسم القصة: فرصةُ أخرى 
 مدى القصة: قصيرة
 نوع القصة:أدبية
 رقم القصة المصحفة أدبيًّا: 8
 تاريخ النّشر: 2/10/15 شهر رقعة



 مساءُ الرابع والعشرين من أغسطسِ! منتزه المقرن العائلي، الساحةُ ممتلئة بالراقصين؛ رجالًا ونساء، شباب وأطفال. الجميعُ كان يُحرك جسده بحماس-عفوًا أقصد جنون- فلو كان ذلك حماس؛ لكان العقل حاكمه. لوهلةٍ ظننتُ بأن الله سيخسف بنا هذى الأرض التي كانت تهتز إزاء قفز تلك الأقدام من فوقها، فلم يوقفهم شيء البتَّة؛ تراهم يمنة ويسرة يتمايلون، الموقف أشبه بنكتة؛ فأنى لطفلِ بعمرِ الأربعة سنون أي يتعلم هذه الخطوات في الرقصِ وبمهارة؟ لا كيف لهؤلاء الأشخاص الذين يلتقون لأول مرة أن يجيدوا التناغم بهذا الشكل؟ يا للعجب والاشمئزاز! ما إن تبدأ المُغنية (القونة) بغناءِ مقطعٍ حتى تهتز الأبدان والأيادي لأعلى وأسفل، يصفقون في آن واحد، ألم أقل أن الأمر أشبه بنكتة؟ لحسن حظنا وسوء حظهم أن المغربَ قد حلَّ مُبشرًا بنهايةِ تلك المعركة التي كادت جحافل الأقدام أن تنتصر على أرضيةِ الساحة، لحظتها تضجر الحضور من غياب شمسهم، ويا ويحهم لم يهتم الكثير منهم للصلاةِ فتوجهت الأجساد لتستريح، ولكن الأرواح ما زال في فحواها الكثير من الطاقةِ ورغم الرهق بدوا باللعب والصراخ. توجهت أنا وصديقتي لأداء فريضة الصلاة بحثنا عن بقعةِ بعيدة عن ذلك الضجيج؛ حتى رأينا امرأة وابنتها يُصليان بسكينةِ وهدوء، استئذناهما لأجل الصلاة في سجادتهم فسمحتا لنا بوجه طيب وبشوش، انتهينا من فرضنا، فإذا بأطفالِ تلك المرأة أتوا يركضون وهم كذلك مُشرقي الوجه، كانوا سُعداء جدا يتحدثون بلطافة وقلب بشوش "ماما عملنا، لعبنا، جرينا..." ويضحكون. ودعَّناهم بعد أن شكرناهم تاركين قلوبنا في حوزتهم، خطونا خطوتين حتى نطقت صديقتي:"أنا عايزة أسرة زي دي، شفتيهم حلوين كيف والوقار في وشهم، وأبوهم مشى يصلي في المسجد وبإمكانه كان يصلي معاهم، ما عارفة ليه نحن ما بنلقى الزول الكويس، يا ربي عشان نحن ما وصلنا المرحلة اننا صالحين لسه، يا ربي تصلحنا وترزقنا!" جلسنا في زوايةِ بعيدة، اخرجنا من جُعبتنا دفاترنا وبدأنا نُراجعها، صفحةٌ بصفحةِ، قالت لي صديقتي: "نحن بنصلي وبنستغفر وبنذكر ربنا، ولسه قدامنا فرصة عشان نعمل أكتر من كدا ليه ما نستغلها؟" هل كانت تشعر بفراغ في داخلها، رغم امتلاءه؟ هل تشعرون بالنقص تجاه الله، رغم الرضا بما تقومون به من عبادات؟ أ بإمكاننا حقًّا أن نستغل الدقائق التي تمر عبثا لنملأ صحائفنا بالحسناتِ، كسبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم!
________ 
 حقيقةُ إذا كُنا نريد أرواحًا تُصلحنا وتأخذ بأيدينا إلى الجنةِ، فلِمَ لا نبدأ بإصلاح أنفسنا حتى يصبح الطريقُ سهلًا معهم؟ ماذا لو خُسفت بنا الأرض أثناء حفلة الرقص تلك يومها؟ وماذا سيكون جوابنا حينما نُسأل شباب فيما أفنيته؟ فاللهم اصلحنا ثم ارزقنا ما نتمنى يا رب
x

تعليقات

المشاركات الشائعة